افكارالمستكشف افكارالمستكشف
random

آخر المقالات

random
random
جاري التحميل ...

علم الفلك من الاساطير القديمة الى الانفجار العظيم

علم الفلك من الاساطير القديمة الى الانفجار العظيم
علم الفلك من الاساطير القديمة الى الانفجار العظيم


 علم الفلك من الاساطير القديمة الى الانفجار العظيم

مضى على وجود البشرية مئات الالاف من السنين وقد خيم عليها صمتٌ مطبق استمر لعدة آلاف من السنين الاخرى

فلم يصلنا من نشاطها الصناعي والتكنولوجي سوى بضعة آثار لا تذكر. اما نشاطها الذهني فليس هناك مايشهد عليه او يدل على وجوده...

فجأة ومنذ حوالي مئتي الف سنة بدأ الفكر البشري بالظهور

تشهد عليه النقوش والرسوم والمنحوتات الموجودة.حيث يسهل التعرف على صور كوكبات النجوم التي وجدت منقوشة على الأحجار القديمة المكتشفة وعلى جدران الكهوف الأثرية مما يؤكد أن علم الفلك مثل الحساب هو بالتأكيد من أقدم العلوم على الإطلاق.

اذاً منذ القدم أخذ الإنسان بالظواهر الفلكية الكبيرة وأولها تعاقب الليل وانهار وتوالي الفصول...وكان الطلب المتواصل على معرفة الأمكنة البعيدة والأزمان السحيقة يوفره اُناس يزعمون أن باستطاعتهم إعطاء معلومات دقيقة عن تلك الأمكنة والأزمنة لأنهم على اتصال دائم مع الآلهة.

يحصلون منها على(إيحاءات)عن تركيب الكون ومادته.وهي إيحاءات لم تكن بعيدة أحيانا عن الفهم الغيبي لهذه المسائل.

من المؤكد أن الإنسان قبل أن يعرف الكتابة بوقت طويل عرف مراحل القمر واطواره وأدرك حركة النجوم اليومية التي تُعيد كل ليلة رسم صور الكوكبات والبروج.

ولَاحَظَ تكرار الفصول...ومن حاجات الشعوب الزراعية وهي حاجات تتمثل بالمقدرة على التنبؤ بالظواهر الكونية والاستناد إلى نوع من التقويم الدقيق المضبوط.وكذلك حاجات الشعوب المهاجرة التي كانت تجوب البحار.فنشأت اول مفاهيم الجغرافيا الفلكية.

ومنذ ما قبل التاريخ أثارت دراسة السماء في الفكر حركة مزدوجة.فقد أظهرت من جهة وجود قوانين طبيعية ثابتة وحاولت من جهة أخرى وضع كائنات خارقة في السماء.وفي كلا الأمرين يمكننا تلمس اصل الأساطير الأولى وعبادات النجوم التي تحتل مكانة هامة في الديانات البدائية الأولى...كان الكون في هذه الأساطير ازليا على العموم. 

ولم تتبدل هذه النظرة الا بمجيء الديانات الموحدة التي قالت ان الله وحده أزلي. 

اما الكون فليس الا من إبداعه وخلقه.

 اذاً لم يعدم الاقدمون الرغبة الجادة بفهم العالم. الا انهم لم يكونوا قد توصلوا إلى الطريقة الجيدة لذلك. كانت تصوراتهم تمثل لهم كوناً صغيرا حسن التنظيم تشكل فيه الآلهة قوة مسيطرة ويلعب فيه البشر دورا أساسيا على تماس مباشر مع الطبيعة.

أثناء ذلك جرى استنتاج للروابط الموجودة بين بعض الظواهر السماوية والارضية وخصوصا بين تتابع الفصول ومسار الشمس في فلك البروج. كان ذلك بمثابة مقدمة لمبدأ السببية الذي نتج التنجيم عن تطبيقه اللاعقلاني.

والى جانب الظواهر الدورية الكبرى ظهرت أحداث غير طبيعية كالخسوف والكسوف والمذنبات والشهب التي فُسِّرت غالبا على أنها نوايا عُدوانية للآلهة. كذلك كان السلوك اللامنتظم لبعض الكواكب مصدر قلق عميق. هكذا تشابك علم الفلك مع التنجيم وتطور العلم الأول لخدمة الآخَر.

قبل العصر الهلليني وفي بلاد مصر وما بين النهرين وكذلك في الصين أبصرت نظريات نشأة الكون النور وكذلك القياسات الأولى للوقت واتجاهات النجوم. وخلال خطواته الأولى لم يكن متوفرا لعلم الفلك الا القليل من الأجهزة والمعدات. فلقياس الوقت كان الفلكيون يستعملون المِزْوَلة والشاخص خلف الساعات الشمسية والساعة الرملية.

 ولمراقبة النجوم يستعملون العضادة والبوصلة ومن مراقبة السماء بالعين المجردة ومن استخدام هذه الأجهزة القديمة نشأت الروزنامات الأولى لخرائط السماء والتقاويم الفلكية.

ومثل بقية علوم الطبيعة طَبَعَ الانطلاق اليوناني النقلة النوعية الأولى في تاريخ علم الفلك. بدأ ذلك في بداية القرن السادس قبل الميلاد. مع تأسيس طاليس المدرسة الايونية انفصل العلم عن الغيب واستُبعِدَ ما هو خارج عن الطبيعة عن تفسير الظواهر.. 

واوجد طاليس وتلامذته والذين أتوا من بعده نظرية ذرية وحركية للكون. ونظرا لانهم ماديون فقد توصلوا إلى مفهوم أحادي للعالم تلعب فيه الآلهة دورا ثانويا.  

وفي الوقت الذي ازدهرت فيه المدرسة الايونية في ميلاوس وساموس تأسست في وسط ايطاليا مدرسة فيثاغورس على اساس رياضي للعالم. وقد أعطت للإعداد والاشكال الهندسية خصائص أسطورية وتوصلت إلى مفهوم غيبي الكون.

من تلك المدرستين ذات المفاهيم المختلفة وُلدت فيما بعد اكبر المكتشفات الكونية:

 الأرض جرم سماوي معزول في الفضاء..

الشكل الكروي بدون أعلى وأسفل..

سقوط الأجسام نحو مركز الأرض..

القياسات الأولى لأبعاد الأرض والقمر والشمس..

المسافات بين الأرض والقمر والأرض والشمس..

نظرية الخسوف والكسوف..

المفاهيم الهندسية الحاذقة التي تفسر وجود الكواكب على الكرة الثابتة... 

ومن العلوم القديمة ورث علماء الفلك فيما بعد مجموعة من ثلاث مسلمات: مركزية الأرض التي تقضي بأن الأرض ثابثة تشغل مركز العالم..والحركة الدائرية المنتظمة الوحيدة المقبولة للنجوم وانقسام العالم إلى عَالَمَين.

الكون عالم الطهارة (عالم النجوم ذات الحركة الدائرية المنتظمة) وعالم الأرض(عالم الدنس والسقوط الحر للاجسام) هذه المسلمات الكونية التي ارتبطت ارتباطا وثيقا بفيزياء أرسطو.

 سيطرت دون منازع حوالي عشرين قرنا. ولم يعتريها سوى حالة شاذة وحيدة عندما وضع ارسطارخوس الساموسي (290ق.م)نظامه القاضي بأن الشمس مركز الكون واعطي للارض حركتين دورانها حول نفسها ودورانها حول الشمس وكان ارسطارخوس اول وآخر عالم فلك قديم يؤمن بمركزية الشمس.وكان بذلك السلف الحقيقي لكوبرنيكوس...

كان العرب من أوائل من لخص نتاج علم الفلك القديم في مُصَنَّفْ حمل إسم المجسطي واعطى مفهوما عاما ومتناسقا وهندسيا للكون وكان مدونة كاملة لعلم الفلك التطبيقي.

فالارض في المركز ثابتة وحولها يدور القمر والمشتري والزهرة والشمس والمريخ وعطارد وزحل على التوالي ثم تأتي النجوم معلقة في الكرة الثامنة..وبينما كانت أوروبا تخبو في سُباتٍ عميق عرف علم الفلك الإسلامي ازدهارا منقطع النظير...

وصلت مؤلفات العصور القديمة إلى الغرب بواسطة الإسلام بدءاً من القرن الثالث عشر الذي بفضله ازدهر علم الفلك في القرن السادس عشر.

 وحتى ذلك الحين كانت مفاهيم مركزية الأرض والحركة الدائرية المنتظمة وازدواجية الكون لازالت حقيقة وكان لابد من ثورة عصر النهضة لكي تتمكن حفنة من الرجال من وضع علم الفلك في مساره الصحيح...

كان كتاب كوبرنيكوس اول حدث في هذا الصدد فقد أعلن بُطلان وموت فكرة مركزية الأرض...والنظام الجديد الذي وضعه هو نظام مركزه الشمس تدور فيه الأرض حولها في سنة واحدة وحول نفسها في اربع وعشرين ساعة. ومن بين المسلمات التي كانت تعوق تقدم علم الفلك رفضت واحدة منها فقط وعوضا عن رفض فكرة الحركة الدائرية المنتظمة فقد تم تعزيزها. وظاهريا لم يكن التغير كبيرا فقد اقتصر على تبادل للدور بين الأرض والشمس لكن هذا التبادل أدى إلى نتيجتين مباشرتين.

 فهو قد فتح من جهة مجالا استراتيجيا جديدا لعلم الفلك. إذ إكتشف كبلر أن الكواكب تدور في افلاك إهليلجية وليست دائرية. ومن جهة ثانية كان علم الكون الكوبرنيكي غير متوافق اصلا مع فيزياء أرسطو.

 وقد فهم ذلك فورا غاليليو مؤسس الفيزياء الحديثة عندما جعل من مؤلف كوبرنيكوس أداة ثورية.

انتشرت أفكار كوبرنيكوس بحذر شديد حتى بداية القرن السابع عشر. اما في ايطاليا فقد اتخذت المفاهيم منحى آخر مختلفا وحادا مع العالمين برونو وغاليليو:

 الأول لدعوته بوحدة الأرض والسماء وتماهي الشمس مع النجوم وعدم انتهاء الكون.

 والثاني لاكتشافة الطبيعة الحقيقة للدرب اللبنية وتضاريس سطح القمر وأطوار الزهرة وأقمار المشتري والكلف الشمسي.

لم ينتهي القرن الا وقد أثبت نيوتن مستعينا بأعمال كبلر وغاليليو وهيغنز التطابق بين قوى الجذب التي تحكم حركة الكواكب وقوة الثقالة التي تحكم سقوط الأجسام على الأرض ما أدى إلى تقويض التمايز الحاصل بين عالم الأرض وباقي الكون وأصبح الأمر لا يحتاج إلا لقانون واحد لكل الكون.

وضع نيوتن أسس الميكانيك الحديث في كتابه الذي وضعه عام 1687بعنوان(المبادىء الرياضية للفلسفة الطبيعية)وقد استنبط من قوانين كبلر التجريبية قانونه عن الجذب الكوني. فقد سمح قانون نيوتن باستنتاج حالة منظومة معينة ولحظة معينة انطلاقا من حالتها في اللحظة التي تسبقها مباشرة...

بدأ ميكانيك نيوتن بزمانه ومكانة المطلقين وكأنه الطريق الملكي للعالم وقد ساد طيلة قرنين من الزمن معظم الفكر العلمي إلى حين نهاية القرن التاسع عشر.

بين عام 1543 و 1687تبدل كل شي..قبل القرن السابع عشر كان التعاطي مع علم الفلك يقتضي فرض نموذج كوني(نموذج بطليموس مُنَقَّحاً) و التزود بالعين المجردة وبضعة أجهزة لمراقبة الإجرام السماوية المعروفة.

كانت المهام بسيطة والتقنيات أيضا ولذلك كانت الحاجة فقط إلى رياضيات بسيطة وعلم مثلثات بدائي اما الفيزياء فلا حاجة لها بعد القرن السابع عشر...

شكل اختراع المقراب(التليسكوب)ثورة في علم الفلك وبدأ أن تطور التقنيات مرتبط ارتباطا وثيقا بتقدم المعارف العلمية النظرية. 

كان التنوع كبيرا: 

بناء المقاريب الثورية التي تغوص اكثر فأكثر في الكون..اختراع العينية البالغة الدقة..اكتشاف التصوير الفوتوغرافي..تطور التحليل الطيفي..ظهور المقاريب الراديوية..ثم اخيرا ظهور علوم الفضاء التي منحت علم الفلك زخما كبيرا ومهدت لنا دراسة مناطق سحيقة في الكون تمتد من مجموعتنا الشمسية إلى حدود زمن الانفجار العظيم .

كان علم الفلك سابقا شريك الرياضيات اما اليوم فهو علم يتفاعل مع كافة علوم الطبيعة وخاصة الفيزياء..وفي اقل من أربعة قرون تبدلت نظرتنا إلى الكون. 

ومن عالم ثابت لا يتغير أصبحنا في كون لامتناه عملاق

 بدون مركز على الإطلاق.

ونحن نملك اليوم لفهم هذا العالم وسائل جذابة إلى جانب كونها فعالة أظهرت لنا كونا شاسعا موغلا في القدم لايكثرت بشؤون البشر ولايتأثر بمشاكلهم اليومية..

الا ان العلم لم يبين لنا المظهر العظيم والمقلق للكون فحسب وإنما أثبت لنا أننا جزء لا يتجزأ منه بالمعنى الحقيقي والملموس للكلمة. فنحن خُلقنا فيه ومصيرنا لا ينفصل عن مصيرة. اما الأحداث البشرية الهامة وتلك العادية فإنها جميعها ترجع بنا إلى الكون وأصله.

انه كون متفجر ومختبَر غني متجول دائم حيث الشمس نجم لامثيل له في مجموعتنا الشمسية ضائع بين مئات المليارات من النجوم في مجرة ضائعة بدورها بين حشد يمتد ملايين السنين الضوئية. وكلما غصنا في الكون بدا لنا مليئا بالمجرات ومجموعات المجرات...

كل شيء في هذا الكون في حركة دائمة..

فالنجوم تجري في صمت الفراغ النجمي وهي تولد بالملايين وتتطور ثم تنازع وتموت منها ما يتقوض ومنها ما يتوسع ومنها ماينهار ويتحول إلى ثقوب سوداء ومنها أيضا ماينبض.الا انها جميعها تستهلك نفسها مولدة الضوء والحرارة والمادة في الفضاء وهي تتجمع في سُدُم تسير في فضاء مابين المجرات.

اما المجرات فإنها تدور كالعجلات العملاقة ويتبدل شكلها وتنقسم على بعضها او تتجمع...يعني ان الكون في مجمله يتوسع.  

هذه الصور تعبر عن اصل الأساطير والتنجيم في علم الفلك وصور أخرى تعبر عن انتهاء هذه الخرافات وتدشين عصر علم الفلك الحديث.

عن الكاتب

saeed

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

افكارالمستكشف